هجرني الحب

و هذي ثلاث فقرات من البارت الأول

تغير رجل
بين أحضان الطبيعة الخلابة وبدءاً بتسلل خيوط الفجر المظلم والأمطار الغزيرة و الأجواء الصاخبة والطرقات الممتلئة بالحشد البشري الذي يعمها،يعود هشام من عمله حاملا في يده الحقيبة السوداء الدوبلماسية التي ملئت بالأوراق والأرصدة التابعة للشركات،منهك التفكير في بدأ مشوار المناقصة الآتية التي تنتظره في الغد،سائما من لحظة دخوله غرفة الاجتماع،مرتديا ذلك البنطلون الأسود والقميص الذي يدفئه عن برودة الشتاء ويتقيه من حرارة الصيف،وبعد دقائق معدودات يصل إلى منزله،و أي منزل ذلك؟حيث البوابة التي تحتل نصف مساحة الأرض،ثم تتلوها الحديقة المتلألئة بالزهور زاهية الألوان،ونسيمها اللطيف الذي تستنشقه وكأنك جالس بين أحضان طبيعة باريس الخلابة،تعقبها أبواب دخول الصالون الضخم وغرف النوم وفي شمال المنزل ملحق تسكنه خدم ذلك الرجل الثري.يشق ممرات منزله بسهولة ليجد نفسه مستلقيا على الفراش غارقا في قيلولة،متعب الجسم والعقل،ليرمي ذلك التعب على الفراش ويغمض عينه شاردا بعقله الممتلئ بالأرقام والحسابات.يستفيق من قيلولته وإذا بصوت المؤذن يدوي المنطقة،والأنوار بدأت تشتعل في غرفة تلو أخرى لبدأ الصلاة والتضرع لله سبحانه وتعالى.اضطراب شديد سيطر على عقل هشام حتى أنه أنساه والداه الذين قضى عليهما الدهر وأصبحا شيبتا،ضعيفا الجسد،والتجاعيد التي احتلت وجههما،آكل الزمان شبابهما،فسقطا على فراش بين الحياة والموت،تارة عند الطبيب وتارة على سرير البيت .




مرت الساعات كالطيف بالنسبة لهشام،دقت أجراس الساعة لتوقظه من نومه مشيرة بعقاربها للسابعة صباحا وموعد الاجتماع الثامنة،ساعة واحدة فقط أمام هشام ليجهز نفسه لحضور الاجتماع،أستحم ولبس ملابسه النظيفة ثم توجه لغرفة والداه ليلقي عليهما نظرة الصباح،بقيت دقائق معدودات أقتصر فيها هشام وجبة إفطاره حاملا كوبة الشاي في يده اليمنى والحقيبة في اليد اليسرى،تخطى الخطوات التي تبعد بين منزله وشركته بسرعة فائقة كانت السكرتيرة قد غلبته لتعد غرفة الاجتماع بأحسن ما يكون.ألقت تحية الصباح على هشام ثم خرجت من المكتب تستقبل الضيوف لتدخلهم الغرفة ،تعرق جبين هشام وأصبحت عيناه حمراء،لحظة حماس أم قلق أم ماذا؟أسئلة وأوهام بقيت تدور في مخيلة هشام لا يدري بل لا يعلم هل هذه المناقصة ستكون له أم عليه،وحان الوقت،يا لحسن حظه لقد كسب هشام هذه المرة المناقصة كما كسبها في المرة السابقة،فرحة لم تسع هشام أصبحت الدنيا في عينيه أوسع من الكون كله،شرب كوب الماء دون أن يحس ببرودته وعذبه،بينما الضيوف،أخذ ينسحب واحد تلو الآخر محبط الوجه،سائم من هذا الرجل الذكي،أم غيرة سيطرت على قلوبهم،قرر البعض منهم بالانسحاب الكلي كي لا يتعامل مع هذا الرجل والبعض قرر التواصل معاه للتحدي فقط لا غير.




تغرقت حياة هشام بالأموال الطائلة،تبرمجت حياته على الحسابات والأرقام،لم يفكر لحظة في نفسه العطشى،كيف سيرويها من ينابيع المياه،عاطفته الجائعة،تريد أن تتحرر من هذا السجن،تتحرك المشاعر في قلبه تارة ولكن الأموال ترسم حاجزا بينها،شعاره في حياته إذا كانت الأموال بين يدي لن أفكر في شيء آخر،وأحلام أين ذهبت من قلبك يا هشام؟سؤال وجهه له صديقه صادق،أحلام هي التي تنتظرك منذ لحظة ولادتكم والى هذا اليوم،لن تفكر في الزواج منها بعد هذا الحب؟ تعثرت الإجابات على لسان هشام،لا يدري ما يقول،صمت دفين خيم على الطاولة التي يجلسون عليها وكان على رؤسهم الطير،قطع الصمت دوي موسيقى كلاسيكية،رنت في أذن هشام،لتذكره أن أحلام مازالت تنتظره،و انا الموسيقى الصاخبة التي كنتم تسهرون عليها وعلى هذه الطاولة وفي هذا المطعم الرومانسي،لملم أوراقة المبعثرة ووضعها في حقيبته،ودع صديقه صادق بنظرات تحويها الألغاز،جعله في حيرة من أمره ماذا يقول لتلك الفتاة المسكينة التي تنتظره في الغد على أحر من الجمر!؟دفع صادق المبلغ وخرج من المطعم سائما من هذا الرجل،لقد غيرته الأموال كثيرا،وسلبت رجولته إلى حيث الغرق في مياه البحار،ركب سيارته متوجها إلى أين لا يدري؟أخذ يحوم بها بين طرق المدينة،أفكار أخذت نصف عقله،وأوهام أكبر من الكون كله سيطرت على مخيلته.

يسلمو

مشكوووووووووووووور يسلمو عالموضوع

تشكر
خوك
ع
الموضوع
تحياتي